"بدر" قرية صغيرة قرب المدينة المنورة, وفي موقع يتحكم في طرق القوافل
بين مكة وبلاد الشام, ويتزود المسافرون من بئرها بالماء. ولم
تعرف هذه القرية إلا بغزوة بدر " بدر الكبرى " التي وقعت بقربها في 17 رمضان سنة 2 هـ.
فقد أجبرت قريش الرسول, صلى الله عليه وسلم, على الهجرة إلى المدينة. ولقد عد هذا
الإجراء بمثابة إعلان بالحرب عليه وعلى المسلمين. ومن هنا فقد عمل على إرسال
السرايا للدفاع عن المدينة المنورة من ناحية ولمحاربة قريش في اقتصادها من ناحية
أخرى, ثم قام الرسول, صلى الله عليه وسلم, بغزوة قوامها 300 مقاتل تقريباً,
تقطع الطريق التجاري بالاستيلاء على قافلة عظيمة لقريش قادمة من الشام بقيادة
أبي سفيان عند بدر. لكن ما أن وصل الرسول, صلى الله عليه وسلم, إلى بدر حتى
كانت المفاجأة, ذلك أن القافلة كانت قد نجت لأن قائدها علم بوصول
النبي, صلى الله عليه وسلم, غادرها بسرعة, وذهب بالقافلة بعيداً عن الطريق
المعتادة التي تسلكها القوافل.
أما قريش فقد خرجت بجيش قوامه 900 مقاتل بقيادة رجال من عتاة قريش وفي مقدمتهم
أبو جهل, حتى وصلوا بدراً, وذلك تلبية لنداء القافلة التي استصرخت قريشاً لنجدتها.
أمام هذا الجيش الكبير من قريش, المزود بالسلاح والعتاد, والذي فوجىء
به المسلمون, وقف الرسول, صلى الله عليه وسلم, يمعن النظر, ويخطط للمعركة,
فاستشار أصحابه فأشاروا عليه بالتقدم وعدم التراجع, ولو انتهى الأمر إلى الحرب.
كان ذلك بالرغم من فرار القافلة, فالهدف الرئيسي لم يكن الكسب المادي بل نصرة
العقيدة والدفاع عن راية الإسلام.
لقد نظم الرسول, صلى الله عليه وسلم, جيشه تنظيماً عسكرياً دقيقاً بأسلوب الصف,
بحيث جعل للجيش عمقاً عسكرياً يصد هجمات العدو. وكذلك أحكم النبي, صلى الله عليه وسلم,
سيطرته على بئر الماء, وبث الروح المعنوية العالية بين المسلمين الذين توجهوا إلى
الله يطلبون العون والنصر. ونزل الرسول, صلى الله عليه وسلم, إلى وسط ساحة القتال,
يقود جيشه ويقول لهم : " شدوا ! شدوا ! ".
وانتهت المعركة بانتصار عظيم للمسلمين وهزيمة كبرى لقريش, وكانت معركة لم تدم إلا
نحو ساعة, قتل فيها من المشركين سبعون, وأسر سبعون آخرون, ومن القتلى عتبة,
وأبو جهل, ومن الأسرى : العباس بن عبد المطلب وعمرو بن أبي سفيان, وأبو العاص بن
الربيع, وافتدت قريش أسراها. وكانت معركة بدر من المعارك النموذجية في تاريخ
العسكرية الإسلامية : قيادة وتخطيطاً وانضباطاً وتضحية, وجاءت حاسمة في نتائجها
بحيث أطلق عليها " غزوة الفرقان " لأنها فرقت بين الحق والباطل, كما أنها بداية
انطلاقة كبيرة لتوحيد شبه الجزيرة العربية تحت راية الإسلام.
موضوع: قرية بدر 
السبت ديسمبر 28, 2013 8:24 am