عن أبي قلابة عن أبي المليح قال كنا مع بريدة في غزوة في يوم ذي غيم فقال بكروا بصلاة العصر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله "
*رواه البخاري
قال ابن حجر رحمه الله ..
قوله : ( بكروا ) أي عجلوا ، والتبكير يطلق لكل من بادر بأي شيء كان في أي وقت كان ، وأصله المبادرة بالشيء أول النهار .
قوله ( فقد حبط ) اختلف العلماء في معنى ذلك , اما الجمهور فتأولوا الحديث ، فافترقوا في تأويله فرقا . فمنهم من أول سبب الترك ، ومنهم من أول الحبط ، ومنهم من أول العمل فقيل : المراد من تركها جاحدا لوجوبها ، أو معترفا لكن مستخفا مستهزئا بمن أقامها . وتعقب بأن الذي فهمه الصحابي إنما هو التفريط ، ولهذا أمر بالمبادرة إليها ، وفهمه أولى من فهم غيره كما تقدم . وقيل المراد من تركها متكاسلا لكن خرج الوعيد مخرج الزجر الشديد وظاهره غير مراد كقوله لا يزني الزاني وهو مؤمن وقيل هو من مجاز التشبيه كأن المعنى : فقد أشبه من حبط عمله ، وقيل معناه كاد أن يحبط ، وقيل المراد بالحبط نقصان العمل في ذلك الوقت الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله ، فكأن المراد بالعمل الصلاة خاصة ، أي لا يحصل على أجر من صلى العصر ولا يرتفع له عملها حينئذ ، وقيل المراد بالحبط الإبطال أي يبطل انتفاعه بعمله في وقت ما ثم ينتفع به ، كمن رجحت سيئاته على حسناته فإنه موقوف في المشيئة فإن غفر له فمجرد الوقوف إبطال لنفع الحسنة إذ ذاك وإن عذب ثم غفر له فكذلك .